قام جلالة الملك عبدالله الثاني أمس بزيارة مفاجئة الى مراكز تربية خاصة تؤوي أشخاصا من ذوي الاحتياجات الخاصة في عمان، بعد اطلاع جلالته على تقارير صحفية أوردت وجود انتهاكات وممارسات يتعرض لها نزلاء بعض هذه المراكز.
ووجه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة الى رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة تاليا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم.
دولة رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة، حفظه الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
نبعث إليك ولزملائك الوزراء بأطيب التحيات والأمنيات بدوام التوفيق والنجاح، وتحقيق ما نتطلع إليه والأردنيون جميعا من إنجازات تساهم في تعزيز مسيرة التقدم والازدهار في وطننا الغالي.
لقد ساءنا جدا ما تضمنته تقارير تناقلتها وسائل إعلام حول وجود إساءات وانتهاكات تتعرض لها فئة عزيزة وغالية علينا، وتحظى باهتمامنا ورعايتنا المستمرة، وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
فالتقصير والإهمال، والتجاوز على المبادئ الأخلاقية، الذي تمارسه بعض مراكز التربية الخاصة المعنية برعاية هذه الفئة، كما أوردت هذه التقارير، والتي يفترض أنها تقوم بتقديم خدمات إنسانية نبيلة لها، وإعادة تأهيلها لإدماجها في مجتمعنا، ترك في نفسنا الألم، على ما وصل إليه الحال من اعتداء وتجاوز صارخ على كرامة الإنسان، التي هي خط أحمر، وفوق كل اعتبار.
إن وجود أي تجاوزات أو انتهاكات أو إساءات في مراكز التربية الخاصة مرفوض بالمطلق ولا يمثل كبرياء الأردنيين وشهامتهم، بل هو أبعد ما يكون عن قيمنا وأعرافنا الأصيلة والعريقة، والمستمدة من ديننا الحنيف.
وهذه التجاوزات والانتهاكات والإساءات، إن وجدت، فإنما تدل على حجم التقصير في الرقابة على أعمال مثل هذه المراكز التي انقلبت على رسالتها إلى درجة التطاول على منظومة الأخلاق والقيم، بشكل سافر لا يمت للإنسانية بصلة.
وفي ضوء ما أشارت إليه هذه التقارير من إساءات وانتهاكات تحدث في بعض هذه المراكز، فإننا نوجه الحكومة لتشكيل لجنة تحقيق وتقييم لعمل هذه المراكز كافة، الخاصة منها والعامة، على أن تنهي أعمالها خلال أسبوعين من الآن، وإعداد تقرير مفصل حول واقع وأداء هذه المراكز ومدى تحقيقها لشروط الترخيص، ومتطلبات الرقابة المحلية والدولية.
كما نؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لتحويل كل من يثبت تورطه بارتكاب تجاوزات وانتهاكات إلى القضاء، حتى ينال عقابه جراء ما ارتكبه من سلوكيات مشينة، ويكون عبرة لغيره ممن تسول له نفسه القيام بمثل هذه الأعمال المسيئة.
وأوجه الحكومة كذلك للبدء مباشرة بالتفتيش والمتابعة وتشديد الرقابة على كل المراكز والمؤسسات في القطاعين العام والخاص، التي تعنى بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمراكز الأخرى المعنية بتقديم خدمات التنمية الاجتماعية، للوقوف على مدى التزامها بواجباتها، والنهوض بمسؤولياتها، وتأدية دورها على الوجه الأكمل، خصوصا في الحفاظ على كرامة الإنسان، ومعاملته بالحسنى.
إننا إذ نؤكد ضرورة مراجعة جميع التشريعات والأنظمة التي تحكم عمل مراكز التربية الخاصة لتمكينها من العمل وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية، لنعبر عن الفخر بمؤسسات وطنية رائدة حققت إنجازات متميزة في هذا المجال، ولها سمعة طيبة في سائر أرجاء العالم، وأثبتت أنها على قدر المسؤولية المناطة بها، والتي نأمل أن تشكل لسواها النموذج والقدوة.
لقد نذرنا أنفسنا لحماية الإنسان الأردني وصون كرامته، والدفاع عن حقوقه وتلبية احتياجاته.
فالمواطن هو ثروتنا ورأسمالنا الحقيقي، وأولويتنا دوما هي توفير البيئة الآمنة والصحية السليمة لمختلف شرائح المجتمع كي تحيا بكرامة، وتعيش بكل سكينة وطمأنينة، وهذه هي رسالتنا التي حملها آباؤنا وأجدادنا، ولن نقبل أبدا أن يكون هناك أي خطأ أو تجاوز لا تتم معالجته بشكل فوري وجذري، ومحاسبة مرتكبيه.
سائلين الله العلي القدير أن يوفقنا في خدمة شعبنا العزيز، وأن يبقى الأردن الوطن القدوة والبلد النموذج.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبدالله الثاني ابن الحسين.
عمان في 22 جمادى الآخرة 1433 الموافق 14 أيار 2012.