سعيد طفل يبلغ من العمر 11 عاما وبسبب عدم الرعاية الاسرية والمتابعة اللازمة له تسرب من مدرسته وبدا العمل في احد كراجات السيارات ورفض العودة للمدرسة .
وعمر طفل اخر يبلغ من العمر 9 سنوات بسبب اوضاع اسرته الفقيرة المكونة من عشرة افراد ترك مدرسته وبدا يتسول ليعود الى اسرته حاملا ما جمعه في يومه ليقدمه الى والديه اللذين لم يحركا ساكنا واكتفيا بتشجيع ابنهما على ما اقدم عليه.
هذه صور تعكس قضية تسرب الطلاب من مدارسهم وهم في اعمار صغيرة يتنقلون بين سوق العمل والشوارع تاركين وراءهم كتبهم وحقائبهم ومدارسهم التي تشكل المستقبل الامن لهم وتجنبهم سلبيات عدم استكمال تعليمهم في المستقبل.
المجلس الوطني لشؤون الاسرة الذي ترأسه جلالة الملكة رانيا العبدالله وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم نظم حلقة نقاشية حول عمل الاطفال والتسرب المدرسي امس في فندق كروان بلازا بحضور مختصين ومعنيين بقضايا الطفولة والتعليم .
وزير التربية والتعليم تيسر النعيمي بين اهمية هذه القضية التي كثرت حولها الدراسات والابحاث والاستراتيجيات والاطر.
وقال النعيمي ان اقرار الاطار الوطني لمكافحة عمل الاطفال من اهم الانجازات على هذا الصعيد مشيرا الى ان التعامل مع عمالة الاطفال لا يتطلب استراتيجيات واطرا وانما يتطلب عمل الجهود مع بعضها .
واعتبر النعيمي ان عمالة الاطفال ترتبط بالفقر الذي يعد بدوره افة من افات التنمية ومعوقا من معوقاتها حيث ان عمالة الاطفال تشكل اخلالا وتقصيرا فيما يسمى بالتعليم الاساسي .
وبين النعيمي ان هناك 285 مليون طفل في العالم يصنفون في اطار عمالة الاطفال وهذه النسبة في ازدياد بسبب زيادة عدد الاطفال مشيرا الى ان هناك 800 مليون امي في العالم بسبب الانقطاع عن التعليم والانخراط مبكرا في بيئة العمل
اضافة الى وجود 65 مليون امي عربي ثلثيه من النساء .
واشار الى ان الاردن قد قطع شوطا كبيرا في تعميم التعليم الاساسي مبينا ان هناك 97 % من الاطفال ملتحقون في التعليم الاساسي في الاردن وان نسبة التسرب قليلة جدا وتشكل (4 بالالف) واصفا اياها بانها ظاهرة مقلقة نوعا ما ، فهناك 3500 طالب سنويا يتسربون من المدراس وسيصبح هذا العدد من 35- 40 الف طالب خلال العشر سنوات القادمة .
واضاف الوزير ان التسرب لا يزال يعتبر مفهوما ضيقا فهناك اطفال لا يلتحقون اصلا بالتعليم وهناك اطفال يقومون بالتسجيل بالمدارس ولا يلتحقون بها في الوقت الذي به اطفال متاخرون بالتعليم .
وبين ان الوزارة تقبل الاطفال في عمر 9 سنوات في الصف الاول اذا تأخروا عن الالتحاق بالمدرسة مشيرا الى انه ليس بالضرورة ان يكون معظم الاطفال العاملين متسربين .
واشار الى ان اسباب عمالة الاطفال هي عوامل مدرسية وعوامل غير مدرسية ليس لها علاقة بالسياسات التربوية مبينا ان الدراسات العديدة حول هذه القضية اظهرت ان من اسباب التسرب العوامل الاقتصادية خاصة وان هناك نزعة عند بعض الاسر لاخراج ابنائهم من المدرسة للعمل ليس بسبب الفقر وانما لعوامل اخرى اضافة الى تاثير المستوى العلمي والثقافي للام والاب في تسرب الاطفال من المدارس فان هناك ارتفاع في نسبة التسرب بالاسر التي يكون تعليم الوالدين بها متدن.
وبين النعيمي ان العوامل المدرسية تتمثل في انه لا يوجد بالقانون ما يلزم بتطبيق الزامية التعليم فمدير المدرسة يجب ان يتمتع بالضابطة العدلية وهذا الامر بحاجة الى دراسة (اقتراح) اضافة الى عدم شعور الطالب المدرسي بالامن فهناك بعض المدارس لا يزال العنف بها يمارس بين الاطفال انفسهم .
واعتبر ان هناك تاثيرا لنوعية التعليم المدرسي على قضية التسرب فبعض الاطفال لا يشعرون ان نوعية التعليم تلبي احتياجاتهم وخاصة لدى الاطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم اما لغوية او انفعالية وليس اعاقة عقلية واصفا هؤلاء الطلبة بانهم طلاب اسوياء وليسوا معاقين .
وبين اهمية اعادة النظر فيما يتعلق في التعامل مع الاطفال خارج التعليم متسربين او الذين لم يلتحقوا بالمدارس من خلال مداخل قانونية تشريعية ومداخل تربوية تنموية اضافة الى حملات توعية تستهدف الاهالي والاطفال مبينا ان قانون العمل يمنع تشغيل اي انسان قبل ان يتم السادسة عشرة من عمره مبينا اهمية التركيز بين مسارات التعليم النظامي والتعليم غير النظامي .
الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة بالوكالة محمد مقدادي بين اهمية هذه الجلسة النقاشية التي تتناول قضية مجتمعية هامة تتعلق بالطلاب مبينا ان حق الطفل في التعليم ليس خيارا وانما واجبا على الدولة والاهل مجتمعين وتحقيقا لذلك الواجب لا بد من تكامل الادوار مع بعضها البعض الاسرية والتربوية والتشريعية والاجتماعية لاحقاق ذلك الحق وتنفيذ الواجب .
واضاف مقدادي ان المجلس عمل على إعداد الإطار الوطني لمكافحة عمل الاطفال بالتعاون مع وزارات العمل والتربية والتعليم والتنمية الاجتماعية والعديد من الجهات ذات العلاقة من خلال الفرق الفنية ليكون المرجعية للعاملين في مجال عمل الاطفال.
وبين ان المجلس عمل على تحليل التشريعات ذات العلاقة بعمل الاطفال ,والتوصية بتعديلها وذلك تماشيا مع الاتفاقيات الدولية المعنية بعمل الاطفال والتي التزم الاردن بتنفيذها ,ومن خلال الاطار الوطني لمكافحة عمل الاطفال وتحليل التشريعات اتضح اهمية وجود بعض التعديلات التشريعية بما يتعلق بإلزامية التعليم وتطبيقها ,بحيث يتم إعادة النظر في النصوص القانونية التي تنظم إلزامية التعليم لضمان فاعلية تطبيقها على أرض الواقع ,مما يشكل حماية للاطفال من التسرب من المدرسة وبالتالي الوقوع في دائرة عمل الاطفال غير المشروع .
الدكتورة زينب الشوابكة والاستاذة هناء المصري قدمتا ورقة عمل حول اجراءات وزارة التربية والتعليم لتحقيق الزامية التعليم ، وعرضتا لمفهوم التسرب ،
والاسباب التي تؤدي الى تسرب الطلبة في مرحلة التعليم الاساسي ولجوئهم الى سوق العمل ومنها عوامل اقتصادية كالفقر وعوامل اجتماعية كالعادات والتقاليد والمناخ الثقافي والخدمات الصحية وعوامل أسرية كزيادة عدد أفراد الأسرة ووفاة أحد الوالدين اضافة الى عوامل تربوية كالمنهاج وطرق التدريس والامتحانات وطبيعة حياة البداوة والتنقل المستمر اضافة الى عدم قدرة المدرسة على إشباع حاجات الطلبة وميولهم وانتشار ظاهرة العقاب في المدارس والتفكك الأسري والطلاق والزواج المبكر للفتيات ، ورفاق السوء.
وبينتا اجراءات الوزارة للحد من تسرب الطلاب وعملهم كالارتقاء بالتعليم الأساسي وتجويده وتأكيد مفهوم إلزامية التعليم في هذه المرحلة بما يضمن الحد من ظاهرة التسرب بين الذكور والإناث وبخاصة في الأرياف والمناطق الأقل حظاً، مع التأكيد على أهمية دور الحكام الإداريين في الحد من هذه الظاهرة
واعداد برامج التقوية للطلبة المقصرين دراسياً والتوسع في فتح غرف مصادر لرعاية الطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم في مرحلة التعليم الأساسي اضافة الى تفعيل برامج الدراسات الصيفية لإعداد برامج التقوية للطلبة الراسبين والمكملين وبرامج التعمق للطلبة المتفوقين في المدارس خلال الإجازة الصيفية و تطوير خدمات التوجيه والإرشاد التربوي والمهني بما يساعد الطالب على اختيار القرار التعليمي الأنسب .
وبينتا الاجراءات العلاجية الهامة للحد من هذه القضية كالعمل على تنفيذ مشروع مكافحة عمالة الأطفال عبر التعليم ومراجعة التشريعات التربوية مثل تعليمات الدراسات المنزلية بما يسهم في تسهيل عودة الطلبة المتسربين الى التعليم
ومراجعة قانون التربية والتعليم بما يفعل موضوع الزامية التعليم بالتعاون مع الجهات المعنية اضافة الى تفعيل دور المجتمع في نشر الوعي بين الطلبة وأهاليهم بأهمية التعليم وذلك من خلال المجالس البرلمانية الطلابية ومجالس اولياء الامور والمعلمين.
مديرة مركز الدعم الاجتماعي الخاص بالاطفال العاملين نهاية دبدوب قدمت ورقة عمل حول اهمية التعليم في القضاء على عمل الاطفال مبينة ان احدث التقديرات الصادرة عن منظمة اليونسكو عام 2008 اشارت الى التقدم الذي تم إحرازه نحو هدف تحقيق التعليم للجميع كان متواضعاً جداً ، حيث أن زهاء 104 ملايين طفل يخولهم عمرهم الدخول إلى المدرسة الابتدائية هم غير مسجلين في أية مدرسة مع بداية القرن الحالي ويعزى السبب الرئيسي في ذلك بأنهم يعملون. مما يعني أن اقل من واحد بين كل 3 أطفال أو حوالي 14 % من أطفال العالم لا يحصلون على التعليم الأساسي .
واشارت الى انه من المتوقع أن يبلغ عدد الأطفال الذين سوف لن يلتحقوا في المراحل الابتدائية بحلول عام (2015) حوالي 100 مليون طفل على مستوى العالم.
واشارت دبدوب الى انه على مستوى المنطقة العربية ، فقد اظهرت احدث التقارير الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة في تقريرها العالمي لرصد التعليم للجميع عام 2010 عن المنطقة العربية ، أن العقد المنصرم قد شهد بعض التطورات الهامة في مجال تحقيق التعليم في هذه المنطقة حيث ارتفعت نسب القيد في التعليم الابتدائي بأكثر من العشر على الرغم من ازدياد عدد السكان الذين في سن التعليم المدرسي، وكذلك تقلصت الفجوة في التعليم من الجنسين وازداد عدد الطلاب الذين ينتقلون من التعليم الابتدائي إلى التعليم الثانوي .
وبينت انه بالرغم من هذه الانجازات فهنالك العديد من التحديات أهمها المشاكل الاقتصادية المتمثلة في غلاء المعيشة وانخفاض القيم الشرائية إضافة إلى مشاكل المديونية العالية التي تعاني منها اغلب الدول العربية وتلقي بظلالها على الحلقة الأكثر ضعفاً في المجتمع ( الأطفال ) ، فهنالك لا يزال أكثر من 6 ملايين طفل غير ملتحقين في التعليم الأساسي ، وتتسم مستويات التحصيل المدرسي بالانخفاض حيث يعاني أكثر من ربع السكان الراشدين في هذه المنطقة من الأمية ، وهذا مؤشر آخر على العلاقة الايجابية بين مستوى تعليم الأهل والالتزام بإبقاء الأبناء في المقاعد الدراسية لحين إتمام الحد الأدنى من مستوى التعليم الأساسي مما يؤدي إلى استمرار حلقة الجهل والفقر مستقبلاً .
المحامي عصام الشريف من جامعة الزيتونة الاردنية الخاصة - قدم ورقة عمل حول التعليم الاساسي الالزامي في قانون التربية والتعليم بين النظرية والتطبيق بين فيها التشريعات الداخلية والدولية التي تنظم وتحكم التعليم الالزامي .
كما تطرق الى اهم الاتفاقيات الدولية التي اشارت الى وجوب تطبيق التعليم الالزامي من اتفاقية حقوق الطفل والاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وبين الاثار المترتبة على عدم تفعيل النصوص المتعلقة بالتعليم الالزامي او الاساسي وارتباطها بالتسرب من المدارس .
وطالب بعد استعراضه للقوانين العربية باهمية ان يتم اعادة النظر بنص المادة 10 من قانون التربية والتعليم والاخذ بعين الاعتبار فرض عقوبة الغرامة على والد الطفل المتسرب من المدرسة وتحديد الجهة التي تتولى التبليغ عن التسرب والمحمكة التي توقع عقوبة الغرامة وجهة تنفيذ عقوبة الغرامة .
كيف تقيم محتوى الصفحة؟
آخر تعديل
يدعم إنترنت إكسبلورر 10+, جوجل كروم, فايرفوكس, سفاري
من الأفضل مشاهدة هذا الموقع من خلال شاشة 768 × 1366
البرنامج المطلوب للتصفح: Adobe Reader
عدد زوار الموقع: 97390